سألني أحد القراءِ، هل القاريء مسؤول عن تصويب ما في النص من أخطاءٍ؟ فقلت له نعم هو مسؤول ؛ لانه شريك استراتيجي في نقد النص وتقويمه ، واقتراح ما يمكن حذفه او اضافته او تعديله، تمهيدًا لاستيعاب المستويات المنشودة من محتويات النص ومضامينه، ثم اعادة بنائه من جديد شكلا ومضمونًا ، وهذه الاجراءات هي الترجمةًالفعلية لما يجب ان يقوم به القاريء المعاصر وفق المفهوم المعاصر لعملية القراءة ، الذي يستند إلى إجرائين متتابعين يكمل احدهما الاخر ،وهما بناء النص اي فهمه وتقديم ما يراه القاريء من آراء ووجهات نظر ، حيث يقع التفاعل الذهني واللغوي بين القاريء الذي يمارس افعال القراءة والكتابة والتفكير ، وكاتب النص الغائب الحاضر او المتخيَّل، وما يسفر عن ذلك التفاعل من فهم مشترك وتعديلات ، قد تمسك الشكل من كلمات وعبارات ، وروابط وقرائن لفظية ، وصور فنية، وتنظيم لبعض الجمل والتراكيب الواردة في النص المكتوب، فضلا عنا يمكن ان يقدم القاريء من اقتراحات تتعلق بالافكار والمعاني ، والادلة ، من تقديم وتاخير وحذف واضافة او تسمين ، وبهذه الاجراءات القرائية بصبح القاريء على قدم المساوات مع الكاتب، او المؤلف من حيث درجة الوعي ،والتمكن من فحوى النص ، وما يرمز ويدل عليه من معان قريبة او بعيدة ، وهو ما نعبر عنه بمصطلح بناء النص اي فهم ما فيه Construction.
يلي هذه العملية مباشرة في الترتيب ما يمكن ان يقوم به القاريء من اجراءات ، دلالية ، وفكرية وتنظيميةعديدة شكلا ومضمونًا، واسلوبًا ، وذلك وفق الاهداف المتوخاة من ممارسة القراءة ، وطبقًا لنوع القراءة التي يمارسها القاريء او يطلب منه ، وبذلك يسعى القاريء الى إعادة بناء النص ، مضمونا مع الاحتفاظ بالشكل اي هل النص في اصلهن قصة ام خبرا ام مقالة ام حوارا ؟ او ان القاريء بصدد انتاج نص جديد من حيث نوع العمل الادبي ؛ اي يرغب اعادة بنائه Reconstruction في صورة جديدة كان يعيد كتابة النص المقال الى صورة قصة ، مراعيا القواعد الفنية لكتابة وبناء القصة ، او لاي شكل اخر من اشكال العمل الادبي المناسب لفكرة النص وموضوعه، وبما يتواءم والاهداف المحددة من ممارسة القراءة. وهذا هو الجانب الثاني لعملية القراءة بالمفهوم المعاصر.