المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين
رئيس المجلس العربي للموهوبين والمبدعين الأستاذ الدكتور فتحي جروان،
الباحثون والباحثات من العالم العربي، الطلاب الأعزاء،
أيها الحضور الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بداية أنقل إليكم تحيات رئيس الجامعة اللبناني الدولية معالي الوزير عبد الرحيم مراد الذي حالت ظروف وطننا لبنان دون وجوده بيننا اليوم، وكلفني أن أنقل إلى الأستاذ الدكتور فتحي جروان اعتذاره الشخصي. كما ويسرني أن أرفع أسمى آيات التقدير والشكر لجلالة الملك عبد الله بن الحسين ولفخامة الرئيس العماد ميشال عون لإلغائهما تأشيرة الدخول بين قطرينا العربيين الشقيقين، وأسأل الله تعالى أن نعيش لنرى ذلك اليوم الذي تزال فيه التأشيرات والحدود في عالمنا العربي والإسلامي لتتدفق الطاقات وتكتشف المواهب ونقترب من بعضنا أكثر فأكثر فتزيد الطاقة الإيجابية. في علم الفيزياء تخصصي، تتنافر البروتونات بسبب شحنتها الموجبة المتشابهة مولدة طاقة كهربية تفوق طاقة الجاذبية ب 1039 مرة، لكن هذه البروتونات متى اقتربت من بعضها إلى مسافة تقارب أبعاد النواة أي فيمتومتر ارتبطت ببعضها بأقوى قوة معروفة حتى الآن القوى النووية، وكذا الحال في هذا المؤتمر الرائع حيث الإخوة العرب يتقاربون بأرواحوهم وعقولهم وقلوبهم قبل أجسادهم ليتألقوا في رعاية الموهبة والإبداع فلله الحمد من قبل ولمن أضاء الشمعة الأولى الأستاذ الدكتور دكتور فتحي جروان خالص الشكر والتقدير.
لا زلت أذكر جيدا وأنا على مقاعد الدراسة في جامعة بيروت العربية تلميذا من البقاع اللبناني “حيث أعيش” يعاني من مشكلة في النطق، تعرفت عليه وما لبثنا أن أصبحنا أصدقاء، فتح لي قلبه وصار يحدثني عن سخرية أصدقائه منه ليس بسبب نطقه بل لأفكاره العلمية الغريبة ولهروبه من صفوف الفيزياء أحيانا إلى صفوف برمجة الحاسوب التي تعلق بها وأبدع في فنونها. صديقنا هذا صبر على معاناته وتخرج حاملا إجازة في الفيزياء ليمم وجهه شطر الولايات المتحدة الأمريكية متابعا دراساته العليا في الفيزياء وليحصل على درجة الدكتوراة، صديقنا انضم إلى وكالة الفضاء الأمريكية NASA بعد أن سجل براءة اختراع في دراسة ظاهرة البرق والرعد، حتى الآن نشر 68 بحثا في أهم المجلات العالمية وبات متخصصا في heliospheric and magnetospheric physics, thunderstorm microphysics, and the development of novel radiation and particle detectors
إنه الباحث الموهوب المبدع الدكتور ماهر الضايع. هامة خسرها وطني كما هو الحال مع كثير من أقرانه في كل أوطاننا العربية لغياب الرعاية والاحتضان.
كلمتي اليوم في هذا المؤتمر الكريم ستحمل عناوين خمسة، أنموذج وتوصية، تجربة ودعوة وهدية.
- لفتني منذ خمسة أعوام اسم مجلسكم الكريم عندما تقدمت زميلتي الأستاة أمال فرحات بطلب المشاركة في هذا المؤتمر بنسخته أظن السابعة، قرأت الرؤية والرسالة والأهداف فزاد اعجابي أكثر، وتساءلت في نفسي هل هناك ضرورة للاهتمام بالموهوبين والمبدعين بشكل منهجي؟ توجهت عندها إلى كتاب الله عز وجل وتأملت المنهج الإلهي حيث اصطفى الله عز وجل أنبياءه ورسله بقدرات ومواهب خارقة لينشروا الخير بين الناس وليرتقوا بعقولهم وأخلاقهم، فخاطب الله سيدنا موسى “وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّيوَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي“، واصطفى من الأنبياء أولي العزم وميّز من أولي العزم سيد الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام الذي كانت رسالته ومعجزته تربوية بامتياز. لو سبرنا أغوار الأنموذج المحمدي في التربية والرعاية، لوجدناه متوجها إلى العامة بمجمله وراعيا لبعض الخاصة الموهوبين والمبدعين الذين سيكون عليهم عبء التغيير والبناء، فهذا باب مدينة العلم علي رضي الله عنه، وذاك أمين الأمة أبو عبيدة، وحبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس والفقيهة عائشة والمستشارة أم سلمة وغيرهم. كلهم نالوا من رعايته الخاصة صلى الله عليه وسلم لأنه وجد فيهم نبوغا يستحق أن يستثمر ليساهم في نشر الخيرية التي أرادها الله للبشرية. عندما استقرأت هذا الأنموذج زاد يقيني واعجابي برسالة وأثر المجلس العربي للموهوبين والمبدعين.
- التجربة هي حصاد جهد معالي رئيس الجامعة اللبنانية الدولية الأستاذ عبد الرحيم مراد. منذ 35 عاما يوم شق أبو حسين طريقه كانت السبل أمامه كثيرة لكنه اختار درب التربية والتعليم في سهل الخير أكثر المناطق اللبنانية حرمانا ليطلق مع إخوانه البذرة الأولى من مؤسسات الغد الأفضل “مركز عمر المختار التربوي”. لكن البذرة ما لبثت أن أنبتت حقلا وبستانا وارف الظلال مزينا بعنوان لطالما حلم به عبد الرحيم مراد: ” مؤسسات الغد الأفضل من الحضانة إلى الجامعة”. فكان مركز صلاح الدين التربوي ومركز عمر المختار قب الياس ومركز القيروان في البقاع الشمالي ومعهد البقاع المهني والتقني والفني ومدينة جمال عبد الناصر الرياضية والمركز الثقافي العربي ودار الحنان ودار الأمان والجامعة اللبنانية الدولية. أول ما تهادى اسم الجامعة إلى مسامعي فهمت شطره الأول “اللبنانية” وترجمه عبد الرحيم مراد فروعا تسعة في كل محافظات لبنان ليؤكد أن التعليم الخاص المميز حق لكل لبناني، لكن ما لفتني في الإسم ولم أعي معناه يومها ككثير ممن قرأه كلمة “الدولية”. فقد حلم عبد الرحيم مراد بامتداد الجامعة على طول الوطن العربي فكانت فروع اليمن وموريتانيا والسنغال وقريبا في العراق وعمان والسعودية ومصر وسوريا، لكن أيضا لم يقف الطموح والأحلام عند حدود العالم العربي بل تعداه إلى العالم كله ففرع الجامعة في فيينا سيبصر النور قريبا بإذن الله. جامعتنا اليوم تضم في جنباتها في لبنان حوالي 31000 طالب وطالبة موزعين على 5 كليات وحوالي 50 تخصص. في تجربتنا الجامعية التي لا زالت ناشئة في عقدها الثاني رعينا ونمينا كثيرا من المواهب والإبداعات بأساليب مختلفةفكان على سبيل المثال لا الحصر:
- تمويل مشاريع التخرج المبدعة لطلاب كلية الهندسة التي أثمرت نماذج هندسية مميزة كالغواصة والحوامة وآلات ثني الحديد والآلات الزراعية وغيرها.
- تنظيم يوم العلوم السنوي الذي أبصر عامه الرابع حيث نستضيف طلاب المدارس الرسمية والخاصة فيعرضوا مشاريعهم العلمية أمام لجان تحكيمية من أساتذة الجامعة في منافسة راقية يقدم بعدها للطلاب الفائزين جوائز قيمة.
- تنظيم مسابقات المنح الجامعية لطلاب الشهادات الثانوية، وتقديم التعليم المجاني لكل طالب موهوب ومبدع يحصل في امتحانات الشهادة الثانوية على تقدير جيد جدا أو ممتاز أو يصنف الأول على صفه.
- استضافة طلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة برعاية مميزة حيث تخرجت الطالبة الكفيفة ضحى خروب كاخصاصية تغذية لتفتح عيادتها الخاصة ولتقدم برنامجها الاسبوعي المتخصص على إذاعة الأزهر. كذلك خريجة قسم الصحافة إسلام جحا التي أصبحت مراسلة ومقدمة مميزة في إذاعة الفجر.
- تنظيم مسابقات في الإعراب والإملاء والرسم والتصوير لتنمية المواهب في كافة المجالات. وتنظم الجامعة سنويا في فرع البقاع حوالي 100 نشاط لاصفي يهدف إلى توسيع آفاق الطلاب واكتشاف مواهبهم وتنميتها.
- أما التوصية، فقد علمت من متابعتي لنشاط المجلس بأنكم زرتم الأمين العام لجامعة الدول العربية لنشر ثقافة رعاية الموهبة والإبداع على المستوى الرسمي العربي وهذا جهد طيب ومشكور. أوصي بضرورة إنشاء تخصص أكاديمي يحمل عنوان إجازة في رعاية الموهبة والإبداع وعرضه على اتحاد الجامعات العربية الذي يحتضنه الأردن ليساهم في نشره في كل الجامعات العربية، كما وأدعو إلى رفد الجامعات العربية بكورسات تخصصية في رعاية الموهوبين والمبدعين يمكن أن تدرج في مناهج كلية التربية أو توضع بالحد الأدنى في قائمة المواد التي يختارها الطالب. لا بد من مضاعفة الجهود في عقد اتفاقيات تعاون وشراكة مع وزارات التربية والجامعات الرسمية والخاصة لتسليط الضوء على عملكم ومأسسة العمل به في كل الوطن العربي. التوصية الأخيرة، نحن اليوم دخلنا بالرغم عنا إلى العصر الرقمي، والذي باتت فيه وسائل التواصل الإجتماعي الخبز اليومي لكل شرائح المجتمع، أقترح إنشاء فريق من الطلاب والطالبات الموهوبين والمبدعين في مجال الكومبيوتر والاتصالات والتواصل الاجتماعي على مستوى الوطن العربي، وينظم لهم مجلسكم الكريم ملتقى يقدمون فيه أفكارا عصرية لنشر جهد وأعمال ونشاطات المجلس وصدقوني سيبهروننا بما لديهم.
- أما الدعوة فهي بشقين: أولا: تستضيف جامعتنا بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية مؤتمر ضمان معايير الجودة الثامن في نيسان 2018 وسيقام على هامشه ورش عمل حول ضمان معايير الجودة الخاص بالمدارس. ويسرني أن أوجه دعوة لمجلسكم الكريم بشخص أ. د. فتحي جروان لحضور المؤتمر للإفادة من خبراتكم الوافرة، الدعوة أيضا للجميع فحضوركم شرف لنا وللبنان.
ثانيا. يسرني أن أنقل إليكم دعوة رئيس الجامعة اللبنانية الدولية للمجلس العربي للموهوبين والمبدعين لكي تستضيف جامعتنا الدورة 13 لمؤتمركم الكريم في فرع البقاع علنا نساهم في دعم ورفد هذا الجهد الجبار الذي غرس بذوره عميد الموهبة والإبداع أ. د. فتحي جروان.
- أختم بهدية من لبنان الحرف حملني إياها رئيس الجامعة إذ يشرفه أن يرعى الموهبة والإبداع بتقديم عشر منح جامعية لطلاب موهوبين ومتفوقين يسميهم المجلس العربي من 10 دول عربية ليكون لنا شرف استقبالهم في رحاب جامعتنا الجامعة اللبنانية الدولية.
ختاما أشكر لكم حسن إصغائكم، شكرا للمجلس العربي على حسن وكرم الضيافة، وإلى اللقاء قريبا في لبنان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
