اعتقد انَّ الضعف اللغوي لدى الطلبة في مراحل التعليم المختلفة، في الأردن ، وعديد البلدان العربية غدا ظاهرة تستحق البحثَ، والتناولَ من المهتمين َوالقائمينَ على هذا الشأنِ ، والتعاونُ معًا للعمل على الحدّ من هذه الظاهرة ، والإسهام الفاعل في التمكين اللغوي ، معرفةً، وتطبيقات ، وتوظيف للغة العربية عبر مواقف الحياة كافة ، سواء اكان ذلك داخل مؤسسات الإعداد والتكوين أم خارجها، كما لابد من
الوعي بان الارتقاء بكفاءة الطلبة في توظيف اللغة الأم ليست مسؤولية معلمي وأساتذة اللغة العربية وحدهم ، بل هي مسؤولية جميع معلمي المواد الدراسية المقررة ، اذ يستطيع كل معلم مادة عبر مواقف التعليم والتطبيق والتقويم الخاصة بمادته، أن يسهم بشكل او بآخر في مساعدة زملائه معلمي اللغة العربية في المؤسسة التي يعملون فيها ،احداث تغيير كمي ونوعي في السلوك اللغوي المناسب لدي طلبتهم المستهدفين بتدريس المادة ؛كالعلوم والرياضيات والاجتماعيات والتربية الاسلامية وغيرها، وذلك بتنسيق وترتيب وتخطيط تشاركي بين معلمي المواد الدراسية ومعلم اللغة العربية في المدرسة او الجامعة ، ترجمة للشعار التربوي الذي مفاده؛ ان كل معلم مادة هو معلم لغة ، ويمكن ان يجري ذلك عمليا عبر نشاطات وتطبيقات ومهمات لغوية يسندها معلم المادة للطلبة ، ويجري تنفيذها تحت إشرافه المباشر او غير المباشر، سواء اكان ذلك داخل البيئة الصفية ، ام في البيت ،اذ يستطيع معلم العلوم على سبيل المثال لا الحصر، ان يكلف طلبة صفه، كتابة تقارير حول موضوعات ذات صلة بمادة العلوم ، ويدقق كتابة الطلبة ،،وقد يطلب من بعضهم؛ اجراء ملخصات كتابية او شفاهية ، فضلا عن لفت نظر بعضهم الى ما يرتكبون من اخطاء لغوية، ويطلب منهم بالبحث او المحاكاة والتقليد اجراء التصويبات اللازمة، وقد يطلب من احدهم في دقيقة واحدة ان يقرأ فقرة من المادة المقررة، او يكتب وصفًا للتجارب العلمية على دفاترهم الخاصة بذلك بلغة صحيحة موجزة خالية من اخطاء الكتابة ، وهناك الكثير من النشاطات اللغوية التي تسهم في تمكين الطلبة من لغتهم الأم عبر دراسة مادة العلوم وغيرها ، ولعل ابرزها اتاحة الفرصة للطلبة ان يمارسوا تقويما لتحصيلهم عبر الاختبارات المقالية ، بجانب أنواع الاختبارات الأخرى اذ يتيح لهم فرصة توظيف اللغة والتعبير عما في اذهانهم بإنتاج لغة جديدة من إنتاجهم ، فضلا عن ممارسة اختبارات موقفية لتنمية مهارات العرض والمحادثة والحوار واكتساب مهارات التحدث ، ولابد لمعلم العلوم ان يدرك ان هذه النشاطات اللغوية تسهم بشكل فاعل في تذليل صعوبات التعلم لدى طلبته في بعض موضوعات مقررة ، فيحقق بدلك تغييرا مباشرا في السلوك العلمي مصحوبا بتغيير غير مباشر في السلوك اللغوي المصاحب ، ويمكن لكل معلم مادة ضمن تخصصه ان يقوم بما قام به معلم العلوم الذي اشرت اليه أعلاه ، وعندها يصبح مشروع تعليم اللغة مسؤولية كل معلم وهو الاتجاه الحديث في تطوير القدرات اللغوية ليس لدى الطلبة فحسب، بل ولدى معلمي المواد الدراسية الذين يعانون بعضًا من الضعف اللغوي ،
وامتدادا لهذا التصور لابد من تطبيق الاتجاه المعاصر الآخر والمكمّل وهو تعليم اللغة الأم عبر مجالات المعرفة المختلفة
Teaching language in content eara، انطلاقُا من ان تعليم مهارات اللغة لا يجب ان يقف عند استخدام محتوى معرفي معين اذ ان جميع المحتويات المعرفية المكتوبة باللغة الأم تصلح لتعليم مهارات اللغة الأربع الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة ، اذا ما وجد معلم اللغة العربية ذو الكفاءة التعلمية التعليمية المناسبة ، ومهما تعددت طرائق وأساليب تعلم اللغة وتعليمها فان وضع الطالب متعلم اللغة في بيئة لغوية فصيحة سواء عبر محاكاة الانموذج اللغوي او عبر اجواء تعليمية قائمةً على التفاعل الإيجابي ، طبيعية بعيدة عن التصنع، سيكون هو العلاج الأكثر فاعلية في الكسب اللغوي، وتصحيح مسار بعض الاخطاء الشائعة ، ولنعلم جميعًا ان اي جهد يبذل في مجال تمكين ابنائنا من لغتهم الأم ، هو إنجاز للامة بكاملها، فضلا عما سيناله من جزاء في الآخرة ، لان خدمة اللغة وإشاعتها في صورتها الصحيحة بين ابنائها والآخرين من غير الناطقين بها سوف يكون في ميزان حسنات ايّ من المشاركين في ذلك ، والله من وراءالقصد..
ا.د حمدان علي نصر
كولمبس – اوهايو- امريكا
25/4/2019