الرئيسية / اخبارو معلومات مثيرة وصحافة / قصة اختراع أول سيارة في التاريخ: اعتبرها المتدينون «حيلة من الشيطان» واتهم صاحبها بـ«الشعوذة»

قصة اختراع أول سيارة في التاريخ: اعتبرها المتدينون «حيلة من الشيطان» واتهم صاحبها بـ«الشعوذة»

في مدينة مانهايم الألمانية كان يعيش كارل بنز مع زوجته بيرتا، حيث اخترع أول عربة تسير بمحرك في التاريخ دون أن تجرها الخيول، مع أخذ قرار بتسجيل براءة اختراع العربة باسم «بنز».

في اليوم التالي، شرعت بيرتا بنز في تنفيذ خطة للتسويق للعربة، فاستدعت توم ميزنبرج أشهر مصور في المدينة وهو عجوز في السبعين قام بالتقاط صور للعربة من زوايا مختلفة، واختارت بيرتا أفضل تلك الصور بعد تحميضها ووزعتها بنفسها على الصحف المحلية، وطلبت نشر إعلان مدفوع الأجر ظهر في عدد الأحد بالصيغة التالية: «يسر المهندس كارل بنز أن يعلن لأهالي مدينة مانهايم أنه بعد سنوات طويلة من العمل الشاق قد وصل إلى اختراع عربة بنز، أول عربة في التاريخ تسير بالدفع الذاتي، هذه العربة لا تحتاج إلى حصان يجرها، وإنما يدفعها محرك صغير يعمل بوقود الجازولين.. إنها وسيلة جديدة مدهشة للانتقال ستجعل حياتنا أسهل وأجمل، ولسوف يقيم كارل بنز معرضًا لسيارته يوم الأحد الموافق 15 مايو القادم، أمام منزله في تمام الواحدة بعد الظهر، والدعوة عامة».

أثار الإعلان ضجة كبيرة في مدينة مانهايم انتقلت إلى المدن المجاورة، واحتدم الجدل حول الاختراع الجديد حيث استغرب الناس كيف لعربة أن تسير دون أن تجرها الخيول، بحسب ما ذكره الكاتب علاء الأسواني، في كتابه «نادي السيارات».

ظل الناس يتأرجحوا بين الشك واليقين، بين مصدق للفكرة ومعارض لها، وكان أكثر المعارضين شراسة المسيحيين المتزمتين الذين أخذوا يرددون في كل مكان أن دفع العربة بدون حصان مسألة مستحيلة، لأن الرب لم يخلق هذا الكون عبثًا، وقد خلق لنا الجياد خصيصًا لتجر عرباتنا، إنه ناموس أزلي لا يمكن لكارل أو سواه أن يغيره».

مع نشر كلام بين الناس: «أيها المؤمنون بيسوع، إن العربة الجديدة ليست اختراع، وإنما حيلة من حيل الشيطان التي لا تنتهي حتى يفتتن المؤمنون ويهتز إيمانهم بالرب.. كارل بنز ليس عالمًا ولا مخترعًا، إنه مشعوذ يتصل مع زوجته بالأرواح الشريرة، لكن أحابيل الشيطان أضعف من خيط العنكبوت كما أكد الرب نفسه، وسترون بأنفسكم أن نهاية الزوجين المشعوذين ستكون مروعة، هكذا عاقبة كل من باع روحه للشيطان».

وفي الموعد المحدد جهز كارل وبيرتا كل شيء بإتقان، أحضرا العربة من الورشة ووضعاها أمام باب منزلهما، وقد أجتهد كارل في تنظيفها وتلميع أجزائها، وامتلأ الشارع بالمتفرجين الذين احتشدوا في الطرق المؤدية للمنزل، واضطرت الشرطة للتدخل من أجل فرض النظام، وأحطاوا بالعربة المغطاة لمنع أناس من العبث بها، وظهر كارل الساعة الواحدة ظهرًا مرتديًا بدلة مع زوجته، وقام بنزع الغطاء بحركة خاطفة، فظهرت العربة مع تعالي صيحات الناس، واتكأ كارل بقدمه اليمنى على الدواسة الصغيرة المتدلية من العربة، وجلس على مقعد القيادة ووضع يده اليمنى على مقبض القيادة وأمسك بيده اليسرى حزام المحرك الجلد الأسود، شدة مرة واحدة بعنف فأصدرت العربة زمجرة عالية، ونفثت دخانًا كثيفًا، ثم قفزت إلى الأمام، وسار بها كارل وجرى الناس خلفه غير مصدقين

دار كارل مع الطريق بنجاح وعندما جذب ذراع الفرملة المعدني المثبت في المحرك ليوقف العربة، لم تستجب، فانحرفت العربة المسرعة بقوة ووقفت على الرصيف وفقدت توازنها، وارتطمت بشجرة وانقلبت على جنبها، وكان كارل محشورا تحتها واتسخ بالشحم، الأمر الذي دفع الناس إلى الضحك بجنون مع تعليقات.

كان الناس يأتون إلى منزل كارل من أجل رؤية السيارة لشرائها، ويبدأ في شرحها حتى ينهالوا عليه بالأسئلة والتعليقات الساخرة، حتى يوم حار من شهر أغسطس 1888، كان يتناول العشاء في حديقة المنزل وجاءه مشتري رفض كارل أن يطلعه عليها

في اليوم التالي، اتخذت بيرتا قرارها وأخذت ولديها البالغين من العمر 12 و14 عامًا مع ترك رسالة لزوجها بأنها ذاهبة لأمها، وأخذت العربة وبدأت التحرك بها إلى والدتها، حيث تبلغ المسافة من مدينة مانهايم إلى بفورتسهايم فوق الـ100 كم، وبدأت المغامرة واكتشفت أن مقود القيادة غير دقيق في نقل الحركة، حيث تستغرق العربة لحظات قبل تغيير الاتجاه، كما أحست أنها خفيفة للغاية والمحرك يتوقف بمجرد أن يرتفع مستوى الأرض، فتضطر للنزول ودفع العربة، وبعد ذلك نفذ الوقود فاضطرت إلى الذهاب إلى أقرب صيدلية وطلب 10 زجاجات من الجازولين الذي أثار فضول الصيدلي، ثم نفذت مياه المحرك، واكتشفت أن «الكاربيرتير» مسدود، وقامت بتسليكه بدبوس شعرها.

تمكنت من الوصول وأرسلت برقية لزوجها، تقول فيها: «اليوم اجتازت عربة بنز مسافة 100 كم من منهايام حتى بفورتسهايم.. لقد نجحنا يا كارل، نحن فخورون بك».

قادت بيرتا في اليوم التالي العربة في طريق العودة مع أخذ جميع الاستعدادات، وانتشر الخبر في ألمانيا وأوروبا كلها، وانهالت العروض على بنز وبدأ تصنع السيارات ببطء واستحياء مع وجود جانب كبير من الرأي العام المعارض، إما عن تعصب ديني أو جهل أو احتجاج على الضجة والدخان الذين تسببهما السيارة، حيث تعرض كثير من قادة السيارات في الريف إلى المطاردة، مع قيام أهل الريف بالجري وراء السيارات وشتم قائدها وقذفها بالحجارة، أو وضع جذع شجرة ضخم في الطرق لمنعها.

ظلت السيارة تنتشر بسرعة كبيرة حتى 13 سبتمبر 1899، عندما سقطت أول ضحية للسيارات، رجل أمريكي يدعى هنري بليس، كان يحاول العبور في شوارع نيويورك وصدمته سيارة حطمت جمجمته، وأثارت تلك الحادثة المخاوف إلا أنها لم تمنع من صناعة السيارات.

ثم حدثت الطفرة على يد هنري فورد 1863-1947، الذي بدأ في انتاج سيارات على نطاق واسع مع خفض هامش الربح وتعويضه بزيادة الإنتاج، لتصبح السيارة في متناول القدرة الشرائية للموظفين والعمال في مصانعه.

وتحولت السيارة من لعبة للأثرياء إلى وسيلة مواصلات يومية غيرت حياة الناس، حيث لم تعد المسافات تشكل عائقًا ضد رغبات الناس، وأصبح بامكان صاحب السيارة أن يعمل في مكان بعيد عن منزله، وأن يصطحب أسرته في نزهة على الشاطيء والعودة بهم إلى البيت آخر النهار

عن المجلس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.